السبت 04 أبريل 2024
spot_img
الرئيسيةكُتّاب وآراءالمغرب والصحراء... نكسة دبلوماسية .

المغرب والصحراء… نكسة دبلوماسية .

النهار24 : محمد لعبيدي .

قال الحسن الثاني في خطاب له (نونبر1975) في مدينة أكادير، على هامش إطلاق المسيرة الخضراء: “غداً، إن شاء الله، ستخترق الحدود. غداً، إن شاء الله، ستنطلق المسيرة. غداً، إن شاء الله، ستطالون أرضاً من أراضيكم، وستلمسون رملاً من رمالكم، وتستقبلون أرضاً من وطنكم العزيز”. دخلت تلك المسيرة التاريخ من أبوابه الواسعة، لسلميتها من جهة، وللجماهير الحاشدة التي شاركت فيها من جهة أخرى، إذ تجاوزت 350 ألف شخص، من مغاربة ومن مختلف أرجاء العالم.
منذ تلك الأيام، ومسيرة الشعب المغربي مستمرة نحو أقاليمه الجنوبية، على الرغم مما صاحب النزاع الصحراوي المفتعل من إذكاء بعض الخصوم العرب له، والتغرير بالشباب الصحراوي لحمل السلاح، وإزهاق أرواح المغاربة بذريعة الوحدة العربية وغيرها من الشعارات التي أثبتت فشلها لاحقاً، وانتهى روادها نهاية مأساوية، يعرفها الجميعْ.
أخيراً، جاءتنا أنباء غير سارة من أقصى بقاع الشمال الاسكندينافي، خلطت أوراق الساسة المغاربة وحساباتهم، ليتجهوا جماعاتٍ نحو العاصمة ستوكهولم، من أجل ثنيها عن قرارها الاعتراف بجمهورية الوهم الصحراوي، واكتشفنا، مرة أخرى، مدى استهتار الدبلوماسية المغربية بأعراف هذا الحقل المتقلب وتقاليده، إذ ليس للمغرب سفير في السويد مند أكثر من ثلاث سنوات، أي أن الملعب ظل شاغراً أمام أنصار الطرح الانفصالي الذين طبخوا قرار الاعتراف على نارٍ هادئة.
القرار اليوم تحصيل حاصل، وربما حمل دعاة الانفصال حقائبهم الدبلوماسية صوب عواصم أخرى، بتعبير محمد اليازغي، وتركوا الساسة المغاربة، يستنزفون قواهم الخريرة، أمام تعصب سكان الشمال وإصرارهم، ونعلم جيداً أن المغرب، مهما تقدمت إنجازات الوهم المزعوم، فإنه، في النهاية، ينتصر لسيادته، ولعلاقاته التقليدية والضاربة في القدم، مع أبرز صناع القرار في العواصم الغربية، لكن هذه الدعابة العابرة لأنصار الانفصال، من شأنها أن تدفع صانعي القرار في الرباط إلى إعادة ترتيب أوراقهم وحساباتهم، وذلك لن يتأتى صدقاً إلا بفتح مناطق الجنوب على كل العالم، ليكتشفوا، كما اكتشفنا نحن المغاربة، مدى تقدم الحياة وازدهارها هناك، إلى حدود دفع ذلك بعديدين من سكان الشمال المغربي إلى الهجرة نحو كثبان الرمل التي أضحت أنوارها بارزة على خط مستقيم، من مدريد، ولا تخطئها عيون السياح الأجانب الذين يتوافدون بأعداد متزايدة على أرخبيل جزيرة الداخلة، للاستمتاع بشمسها وعذوبة مياه بحرها ودفء رمالها على مدار العام.
قضية الصحراء المغربية تلخصها مقولة محام إيطالي، قضية عادلة بمحام فاشل، إذ لم يكن أغلب الذين تعاقبوا على إدارة القضية في مستوى تأكيد عدالتها وإبرازها، وبذلك فشلوا في كسبها، لأسباب نجهلها، ويدركها من هم أقرب إلى الدوائر الضيقة في صناعة القرار السياسي والدبلوماسي المغربي. وفي المقابل، سمح هذا الفشل في تمدد حبل الوهم أكثر على عنق دعاة الانفصال، ما يوحي بدنو أجل الحق الذي أريد به الباطل ونهايته.
كانت تجليات النكسة الدبلوماسية العابرة واضحة، فالمغاربة واعون أن لا مغرب بلا صحرائه، ولا صحراء بلا مغربها، خصوصاً أن المغرب ماض في إرساء نظام جهوي موّسع، بصلاحيات أكبر في تدبير الشأن الجهوي، ما يؤدي إلى نظام فيدرالي، تعمل بموجبه كل جهة على تحقيق نموها وازدهارها.
في مقابل ذلك، سيغرد دعاة الانفصال خارج السرب، متوهمين إمكانية تحقيق انفصالهم.

مقالات ذات صلة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

- Advertisment -
Google search engine

الأكثر شهرة

احدث التعليقات