النهار24 .
يعتبر تعميم التغطية الصحية وتحسين الحكامة وتمويل القطاع الصحي من بين التحديات التي على المغرب مواجهتها أكثر من أي وقت مضى؛ وقدد حدد مشروع قانون المالية لسنة 2021 الخطوات اللازمة والمعالم الرئيسية الواجب اتخاذها لتحقيق هذا الهدف.
وبالفعل، فإن العرض الذي عرضه السيد محمد بنشعبون وزير الاقتصاد والمالية وإصلاح الادارة أمام لجنة المالية والتنمية الاقتصادية بمجلس النواب، حول الخطوط الرئيسية لمشروع قانون المالية لسنة 2021 ، قدم لمحة سريعة حول فلسفة هذا النص، ولا سيما المتعلقة منها بالصحة. كما أنه يضع كأولوية تعميم التغطية الاجتماعية، التي ستتم بشكل تدريجي خلال السنوات الخمس القادمة (2021-2025).
وبالتالي، فإن الرهان يبقى كبيرا، بالنظر إلى أن نجاح هذا الإصلاح الكبير سيتطلب إعادة تأهيل وتطوير المؤسسات الاستشفائية، وتنظيم نظام العلاجات، وإصلاح البرامج الاجتماعية القائمة، بغية تحسين تدريجي لأثرها على المستفيدين.
فمن البديهي، أن كل هذه الخطوات الاصلاحية تتطلب ميزانيات مهمة، ولكن التركيز سينصب أساسا على ترشيد النفقات واستكشاف آليات جديدة للتمويل، حتى لا تفرض ضغوطا كبيرة لا على ميزانية الدولة ولا على المواطن.
وقد حدد التقرير التمهيدي لمشروع قانون المالية لسنة 2021 ، آليات تمويل هذا المشروع الاستراتيجي المتعلق بتعميم التغطية الاجتماعية وذلك عبر “إصلاح جبائي يقر مساهمة مهنية موحدة”.
وتجدر الإشارة إلى أن الاعتمادات المالية المخصصة لقطاع الصحة عرفت تطورا ثابتا، حيث انتقلت من 88ر11 مليار درهم عام 2012 إلى 33ر16 مليار درهم في العام 2019. كما عرف قانون المالية 2020 من جانبه تخصيص غلاف مالي قدره 6ر18 مليار درهم لمواصلة تفعيل المخطط الوطني “الصحة 2025”.
وبحسب التوقعات الأولية لمشروع قانون المالية لعام 2021، فإن النفقات المخصصة لقطاع الصحة يمكن أن ترتفع نسبيا مقارنة بالسنة الماضية. ويهدف مشروع قانون المالية هذا إلى إعطاء الأولوية لقطاعي الصحة والتعليم، من خلال تخصيص ميزانية إضافية لهما بقيمة 5 ملايير درهم.
وستبلغ التكلفة الإجمالية لتعميم التأمين الإجباري عن المرض حوالي 13,82 مليار درهم، حيث سيتم تمويل أكثر من 5,36 مليار درهم في إطار منظومة التشارك، بينما سيتم دعم ما مجموعه 8,46 مليار درهم من قبل الدولة، أي تعبئة حوالي 4,2 مليار درهم بالنسبة لسنة 2021.
وحسب دراسة لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية نشرت في شتنبر الماضي بعنوان “تعبئة الإيرادات الضريبية لتمويل الصحة في المغرب”، فإن المغرب قام، منذ عدة سنوات، بتحسين أداء منظومته الصحية، مما أدى إلى ارتفاع أمد الحياة وانخفاض نسبة الأمراض المتنقلة والمعدية.
ولتمويل الزيادة في النفقات العمومية المخصصة للصحة، أوصت المنظمة، من جهة، بتحسين مفهوم المساهمات الاجتماعية للتأمين الإجباري عن المرض، ومن جهة أخرى، بزيادة استخدام الإيرادات الضريبية، مع تحسين مفهوم كل ضريبة، خاصة تلك التي لها روابط أكثر وضوحا مع القطاع الصحي، مثل الرسوم الداخلية على الاستهلاك، من خلال تأثيرها على سلوك المستهلك، والضريبة البيئية من خلال التأثير غير المباشر على صحة السكان.
وبالتأكيد، فقد اتخذ المغرب مجموعة من التدابير الصحية والاقتصادية والاجتماعية في محاولة لمواجهة تداعيات الأزمة الصحية المرتبطة بتفشي وباء كوفيد-19. ويتبغي في ضوء الدروس المستفادة من هذه الأزمة، أن تشكل هذه التدابير جزءا من استمرارية التفكير والعمل من أجل كسب الرهان الكبير للتمويل الصحي .