النهار24 .
تفاجأنا كثيرا ونحن نرى جمعويي الميدان التربوي يتهافتون على كسب مقعد بمكتب الجامعة الوطنية للتخييم، ومع تتبع لما آلت إليه وقائع المؤتمر في جزئه الثاني، الذي تم برمجته نظرا لوفاة الرئيس المنتخب قبل تشكيل المكتب، اتخذت في تحليل هذا الموضوع موقعا محايدا ومعتدلاً بعيدًا عن الانتماءات، وبناء على تجربتي المتواضعة في الميدان أخضعت هذا الخلاف للعقل، فلم أجد ما يبرر تلك المشاحنات، سوى ضياع الثقافة التنظيمية التي اكتسبها أطر الجمعيات، وبروز نزعة الرغبة في التموقع داخل دائرة اتخاد القرار في هذا التنظيم التكتلي.
كان بالأحرى على الراغبين في كسب الكراسي اعتبار أولوية أساسية، وهي استحضار مشروع هذا التنظيم ورؤياه ومتطلبات آفاقه ومستقبله القريب والبعيد، وموقعه كوسيط بين الوزارة والجمعيات، وكان لزاما اعتبار حجم المسؤولية الملقاة على عاتق هذا التكتل الذي يشارك الوزارة في تدبير هذا الملف، لكن ما وقع هو الابتعاد عن المنطق، والتسابق على العضوية بالمكتب التي أصبحت مشرعة دون معايير واضحة ولا لشروط للتمثيلية الحقيقية ولا للكفاءة المتناسبة مع المهام والتفرغ لمواكبة المهام والمسؤوليات.
كان كأولية استحضار المصلحة العليا للطفولة والشباب، وفعالية التنظيم وموقع الديمقراطية والحكامة في ذلك، والنقاش وفق الرؤى المنهجية لتطوير الأساليب التربوية المتبعة بهذه المؤسسة التربوية، لكن ما تم استحضاره فقط كسب رهان العضوية بأي ثمن، في تغييب تام لأهداف هذا التنظيم، باستبعاد المعايير والشروط المشار التي تضمن مقومات التنظيم ومهامه التربوية، ما جعل التوافق يدخل في مفاوضات واعتبارات أقرب للنعرات والانتماءات … أكثر من الحكمة والتبصر والمصالح المشتركة لتشكيل هذا المكتب.
أكيد يوجد أشخاص ترتبط رغبتهم برؤيا تصحيح وتقويم الممارسات والإجراءات المتبعة بهذا التنظيم، الذي اشتكي من حيفه وظلمه العديد من الجمعيات، غايتهم تصحيح الإجراءات التنظيمية والهيكلية، وضبط المحطات التقريرية، وتقويم العملية التربوية التخييمية، لكونها محور اختصاص هذا التنظيم، والتي تنتظر أن يفتح فيها ورش لتدارس التراجعات والاخفاقات التي لازالت مستمرة، ومساءلة الجمعيات المخلة بالمرجعية التربوية، التي تهدم ما تبقى من نور لازال يشع جزء من بريقه بين كتلة العتمة.
غياب رؤيا واضحة ومتوافق عليها تضمن المتطلبات المنطقية والعملية لدور وعمل الجامعة، يبسط وضعا لن يفرز مكتب قوي قادر على تغطية المهام وتحمل المسؤولية، وفي خضم الصراعات سيتم استبعاد أسس الكفاءة والمسؤولية والانسجام، واستبعاد النصوص القانونية والتنظيمية المرتبطة بالشراكة بين الدولة والجمعيات، تفقد الحساس بالمسؤولية التي لا يدرك حجمها العديد من المتهافتين.
ندرك جيدا الأخطاء والهفوات المسكوت عنها التي رافقت تأسيس الجامعة منذ البداية وقبل البداية كذلك، والتي صاحبت مسيرتها لسنوات، لكن التصحيح ممكن، وترسيخ موقع الجامعة بشراكة حقيقية أكثر اتساعا، بتثمين خدماتها وتبرير حصيلة نتائج أعمالها المؤثرة على واقع الطفولة والشباب، يأتي مع تفعيل واضح للمقتضيات الدستورية ومع توصيات الحوار الوطني حول المجتمع المدني، ومع تنفيذ دورية السيد الوزير الأول لسنة 2003 المتعلقة بالشراكة بين الدولة والجمعيات.
ا