النهار24.
تشكل ذكرى تأسيس التعاون الوطني يوم 27 أبريل 1957 من قبل الملك محمد الخامس، طيب الله ثراه، مناسبة لتسليط الضوء على العمل المتواصل لهذه المؤسسة في خدمة التنمية الاجتماعية من خلال المساهمة بفعالية في تنزيل برامج واستراتيجيات تهم مختلف الشرائح الاجتماعية في وضعية هشاشة.
ويعد التعاون الوطني، الذي يحتفل هذه السنة بالذكرى 68 لتأسيسه، فاعلا مرجعيا وميدانيا في مجال الهندسة الاجتماعية، خاصة من خلال عمليات التشخيص الترابي التشاركي، وبلورة وأجرأة المشاريع الاجتماعية، وإعداد ومواكبة بروتوكولات التكفل المختلفة، وتنزيل آليات وبنيات وخلايا اليقظة الاجتماعية.
ويقدم التعاون الوطني خدمات في شتى الميادين لفائدة النساء والأطفال في وضعية صعبة والأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة والمسنين، والتي تتمثل أساسا في دعم إحداث مؤسسات للرعاية الاجتماعية في إطار برنامج حماية القاصرين، ومنح مساعدات على شكل مواد غذائية لفائدة الأشخاص في وضعية إعاقة حركية وبصرية، ومنح مساعدات على شكل إعفاءات ومحجوزات جمركية لفائدة الأشخاص في وضعية صعبة.
كما يعتبر العمل على تحقيق الإنصاف والمساواة والعدالة الاجتماعية أحد المحاور الاستراتيجية للتعاون الوطني، من خلال دعم البرامج والأنشطة المدرة للدخل، خاصة عبر المساهمة في إحداث تعاونيات من طرف خريجات مراكز التربية والتكوين، ودعم التعاونيات وجمعية خريجي مراكز التعاون الوطني والجمعيات الشريكة لتسويق منتجاتهم، عبر المساهمة في تنظيم معارض عبر التراب الوطني، وإحداث فضاءات جديدة متخصصة في التسويق التضامني لمنتجات العديد من التعاونيات، مساهمة في الإدماج الاقتصادي والتضامني، وتشجيع الاندماج المهني والأنشطة المدرة للدخل لفائدة أشخاص في وضعية إعاقة، في إطار صندوق دعم التماسك الاجتماعي.
ومن أجل الاستجابة لحاجيات الفئات المستهدفة، التي تشمل الفتيات والنساء والأطفال في وضعية صعبة، والأشخاص في وضعية إعاقة، والأشخاص المسنين دون عائل أو مورد، تبنت المؤسسة مخططا للتنمية يروم تشجيع وتعزيز مؤهلاتها وتحسين أدائها، من خلال تحقيق الانسجام بين مكونات القطب العمومي في مجال التنمية الاجتماعية.
ولتحقيق هذا الهدف، تعمل مؤسسة التعاون الوطني على تقديم خدمات متنوعة موزعة بين اليقظة الاجتماعية، عبر جمع المعطيات حول حالة الأشخاص في وضعية فقر أو هشاشة أو إقصاء، وإنشاء وتعميم قواعد معطيات خاصة بالفئات المستهدفة، وكذا تتبع حالاتهم وشؤونهم، والقيام بالخطوات الاستباقية لحسن تدبير وتطوير أوضاعهم، وبين الاستماع والتوجيه والمواكبة، عبر الاستماع والتوجيه والتتبع والتقييم الفردي للحالات؛ والإخبار والاستشارة؛ والمواكبة لكل حالة؛ والوساطة الاجتماعية (وخاصة العائلية)، ثم الخدمات الاجتماعية عبر التكفل بالفئات المستهدفة.
وفي ما يتعلق بالعمليات الإنسانية، يقوم التعاون الوطني بالتدخل بشكل مستمر، خاصة من خلال الدعم اللوجستي في حالة الكوارث الطبيعية، أو في إطار دعم العمليات التي يقوم بها فاعلون آخرون، إضافة إلى الهبات الإنسانية التي يتم توزيعها من قبل المؤسسة.
ويشكل التعاون الوطني المرفق الأساسي لتقديم مختلف أنواع المعونة والإسعاف والمساعدات بجميع أشكالها لفائدة الفئات الفقيرة والمحتاجة، وساهم في إنعاش المجتمع والأسرة كما عهد إليه بتجميع المساعدات والهبات والتبرعات المختلفة وتوزيعها على الفقراء والمحتاجين، وكذا إنشاء المؤسسات والمراكز التي تسهل ولوج سوق الشغل والاندماج في الحياة العامة.
وبعد مرور أكثر من 68 سنة من العمل الميداني الجاد، وتماشيا مع المستجدات الاقتصادية والاجتماعية والمؤسساتية التي شهدتها المملكة خلال السنوات المنصرمة، عرفت خدمات التعاون الوطني تطورا في مفهومها ومضمونها بالانتقال من مفهوم تقديم العون والمساعدة، ومرورا بمرحلة العمل الاجتماعي الوقائي والتأهيلي إلى مرحلة المساعدة الاجتماعية بمفهومها الشامل، استجابة لمتطلبات الفئات التي تعيش في وضعية هشاشة وإقصاء اجتماعي، والتي شكلت دائما أولى اهتماماته وانشغالاته. وقد شملت الفئات والشرائح المعنية بمجال تدخله كلا من الفتيات والنساء في وضعية صعبة، والأطفال في وضعية صعبة، والأشخاص في وضعية إعاقة، والأشخاص المسنين دون عائل أو مورد.
ومن أجل ضمان استهداف فعال وشاسع، اعتمد التعاون الوطني في تدخله على سياسة اللاتمركز من خلال تمثيليات جهوية وإقليمية وشبكة واسعة من المراكز الاجتماعية الموزعة على الصعيد الوطني، وكذا عبر الجمعيات الشريكة الفاعلة في الميدان، إذ استطاعت المؤسسة قيادة العديد من المشاريع الاجتماعية التنموية المرتبطة أساسا بمجالات تدخله ووحداته التربوية والاجتماعية، أو لها علاقة ببرامجها الاجتماعية المشتركة.
وساهم المخطط التنموي، الذي كانت المؤسسة اعتمدته ، في إعادة تموقعها في الحقل الاجتماعي كفاعل أساسي في مجالي المساعدة واليقظة الاجتماعية، وكواجهة مفضلة للاستماع والتوجيه والدعم والمواكبة لفائدة الشرائح الاجتماعية المحتاجة، وكفاعل مرجعي وميداني في مجالي الهندسة واليقظة الاجتماعية. وقد اعتمد التعاون الوطني في تنزيل مخطط تنميته الجديد على محاور استراتيجية هامة ارتكزت على تقوية قدرات وأنشطة المؤسسة، وتنمية وتعزيز الخبرة في مجال المساعدة الاجتماعية، حيث ثم إضفاء الاحترافية على نموذج الشراكة مع الجمعيات.
وهكذا انخرطت المصالح المركزية والترابية للمؤسسة في تنزيل السياسات والبرامج الاجتماعية التي تشرف عليها وزارة الأسرة والتضامن والمساواة والتنمية الاجتماعية، والموجهة أساسا لدعم الأسرة وحماية الطفولة والنهوض بأوضاع النساء والاعتناء بالأشخاص المسنين والأشخاص في وضعية إعاقة، حيث تمكن التعاون الوطني حاليا من تطوير وتعزيز برامج المساعدة الاجتماعية، وذلك عبر إحداث مجموعة من مرافق الاستقبال والاستماع والتوجيه والمواكبة لفائدة الأشخاص في وضعية هشاشة وإقصاء اجتماعي، كما تمكن من توسيع قاعدة المستفيدين من برامج وخدمات صندوق دعم التماسك الاجتماعي الموجهة للأشخاص في وضعية إعاقة، والمساهمة في تقوية برامج وخدمات التكفل بالأشخاص في وضعية صعبة، وكذا دعم ومواكبة مؤسسات الرعاية الاجتماعية المرخصة وفق القانون 14.05 المتعلق بشروط فتح مؤسسات الرعاية الاجتماعية وتدبيرها، بالإضافة إلى تعزيز برامج المساعدة على الاندماج والإدماج الاجتماعي وتجويد الخدمات لفائدة الأشخاص في وضعية صعبة، والمساهمة في إنجاز مجموعة من المشاريع الاجتماعية بشراكة مع أجهزة المبادرة الوطنية للتنمية البشرية.
وفي الإطار ذاته، تمكن التعاون الوطني من الرفع من القدرات والمهارات المهنية للموارد البشرية التابعة له، وساهم في تطوير وظيفة اليقظة الاجتماعية الترابية، فضلا عن تقوية الشراكة على المستوى الوطني والترابي.وبعد مرور أكثر من نصف قرن على عمله الميداني الفعال، يظل التعاون الوطني فاعلا وطنيا مرجعيا وخبيرا اجتماعيا في محاربة الهشاشة والإقصاء الاجتماعي، هدفه ملائمة برامجه وخطط عمله مع ما تتطلبه كل مرحلة من تحديث وتجديد خدمة للفئات المعنية بمجالات تدخله، واستهدافها الجيد عبر العمل الميداني المرتكز على القرب من الساكنة.


















