النهار24.
تابعنا باهتمام جلسات مناقشة القوانين الانتخابية داخل البرلمان، وما تخللها من تشنجات ومزايدات ومواقف متقلبة، ورغم تحفظ بعض الفرق النيابة على بعض النقاط خاصة شرط 5% المفروض على الشباب المترشحين كمستقلين—إلا أن ما ميز هذه الجلسات حقًا هو الأداء الرفيع لوزير الداخلية عبد الوافي لفتيت.
فطيلة 12 ساعة كاملة من الشدّ والجذب، ظل لفتيت يقدم نموذجًا واضحًا لـ رجل الدولة الهادئ: برودة أعصاب، توازن، وضبط للنقاش، دون انفعال أو انجراف خلف الاستفزازات. وبأسلوب إداري وسياسي محكم، تمكن من تفكيك كثير من الخطابات المتناقضة لبعض الوجوه التي تتقن رفع الشعارات أمام الكاميرات، لكنها تتوارى عند لحظة الجدّ داخل البرلمان.
لقد كشف الوزير، دون ضجيج، حقيقة بعض “الأبواق السياسية” التي تصرخ في المنصات الإعلامية، لكنها تفقد صوتها داخل المؤسسة التشريعية، حيث تظهر الفوارق بين العمل الخطابي والعمل الفعلي.
في زمن تتضخم فيه الكلمات وتتراجع فيه الكفاءة، قدّم عبد الوافي لفتيت درسًا هادئًا في الإصغاء، الحزم، والانضباط المؤسساتي… درسًا في كيف يكون رجل الدولة عندما تُختبر قدرته على إدارة الخلاف وتحويل التوتر إلى نقاش مسؤول.
ويبقى السؤال مطروحا أمام كل المغاربة:
هل نريد سياسيين يتحدثون كثيرا… أم مسؤولين يشتغلون بصمت وفعالية.


















