النهار24 .
عرفت سنة 2018 إلقاء جلالة الملك محمد السادس عدد من الخطب الملكية السامية القوية. موقع القناة الثانية يعيد التذكير بأبرز الرسائل التي وردت في الخطب الملكية خلال السنة التي نودعها.
– خطاب العرش لسنة 2018: خطاب الإشارات القوية
عكس السنة الماضية، مقارنة مع العام الماضي،جاء خطاب العرش لسنة 2018، في الذكرى الـ19 لتربع جلالة الملك محمد السادس على عرش المملكة المغربية، أقل “لوما” للفاعلين العموميين، وللسياسات العمومية، لكنه تضمن إشارات قوية.
وأتى الخطاب الملكي، بعدد من الرسائل والتوجيهات بنبرة اجتماعية قوية طرح فيها الملك برنامجا متكاملا للتغلب على الصعوبات الاقتصادية والاجتماعية، كما أن خطاب العرش لهذه السنة ذكر بالخطاب الملكي السابق خلال افتتاح الدورة البرلمانية، والذي طالب من خلاله الملك جميع المؤسسات بوضع تصور للنموذج التنموي الجديد، وقد أشار الخطاب الملكي لعيد العرش إلى أن الهدف من النموذج التنموي الجديد المرتقب هو إبداع نموذج اجتماعي جديد، وهذه الإشارة وضحت أهداف النموذج التنموي الجديد الذي دعا إليه صاحب الجلالة.
جلالة الملك حذر في خطابه أيضا من دعاة الفتنة ودعاة السلبية والعدمية وبائعي الأوهام عن طريق استغلال بعض الاختلالات للتطاول على أمن المغرب واستقراره السياسي والاجتماعي والاقتصادي، أو محاولة تبخيس مكاسب المغرب ومنجزاته، مؤكدا أن الخاسر الأكبر من إشاعة الفوضى والفتنة هو الوطن والمواطن على حد سواء.
ووضع الخطاب الملكي مسألة قدرة وجدية الأحزاب السياسية تحت مجهر المساءلة، وطالبها بضرورة العمل على “استقطاب نخب جديدة، وتعبئة الشباب للانخراط في العمل السياسي، لأن أبناء اليوم، هم الذين يعرفون مشاكل ومتطلبات اليوم”، مشددا على أن “قضايا المواطن لا تقبل التأجيل ولا الانتظار، لأنها لا ترتبط بفترة دون غيرها. والهيئات السياسية الجادة، هي التي تقف إلى جانب المواطنين، في السراء والضراء”.
وأضاف جلالته أن “المنتظر من مختلف الهيئات السياسية والحزبية، هو التجاوب المستمر مع مطالب المواطنين، والتفاعل مع الأحداث والتطورات، التي يعرفها المجتمع فور وقوعها، بل واستباقها، بدل تركها تتفاقم، وكأنها غير معنية بما يحدث”. وأضاف العاهل المغربي “أن تحقيق المنجزات، وتصحيح الاختلالات، ومعالجة أي مشكل اقتصادي أو اجتماعي، يقتضي العمل الجماعي، والتخطيط والتنسيق بين مختلف المؤسسات والفاعلين، وخاصة بين أعضاء الحكومة، والأحزاب المكونة لها”.
وشدد الخطاب أيضا على ضرورة الإسراع في إنجاح الحوار الاجتماعي، بدعوة مختلف الفرقاء الاجتماعيين إلى استحضار المصلحة العليا، والتحلي بروح المسؤولية والتوافق، قصد بلورة ميثاق اجتماعي متوازن ومستدام، بما يضمن تنافسية المقاولة، ويدعم القدرة الشرائية للطبقة الشغيلة بالقطاعين العام والخاص.
– خطاب “ثورة الملك والشعب”: بطالة الشباب المغربي في صلب الإهتمام
ركز جلالة الملك في خطابه السامي، الذي ألقاه يوم 20 غشت الماضي بمناسبة الذكرى الخامسة والستين لثورة الملك والشعب، على فئة الشباب والمشاكل التي يعانون منها.
دعا جلالة الملك محمد السادس حكومة سعد الدين العثماني إلى اتخاذ تدابير لمحاربة البطالة وتشغيل الشباب في أقرب الآجال، معتبرا في خطاب ذكرى ثورة الملك والشعب أنه “لا يمكن أن نطلب من شاب القيام بدوره وبواجبه دون تمكينه من الفرص والمؤهلات اللازمة لذلك. علينا أن نقدم له أشياء ملموسة في التعليم والشغل والصحة وغير ذلك؛ ولكن قبل كل شيء يجب أن نفتح أمامه باب الثقة والأمل في المستقبل”.
وأضاف جلالته أن “ما يحز في نفسي أن نسبة البطالة في أوساط الشباب تبقى مرتفعة؛ فمن غير المعقول أن تمس البطالة شابا من بين أربعة، رغم مستوى النمو الاقتصادي الذي يحققه المغرب على العموم. والأرقام أكثر قساوة في المجال الحضري”، مشددا على أنه “رغم المجهودات المبذولة، والأوراش الاقتصادية، والبرامج الاجتماعية المفتوحة، فإن النتائج المحققة تبقى دون طموحنا في هذا المجال. وهو ما يدفعنا، في سياق نفس الروح والتوجه، الذي حددناه في خطاب العرش، إلى إثارة الانتباه مجددا، وبكل استعجال، إلى إشكالية تشغيل الشباب، لا سيما في علاقتها بمنظومة التربية والتكوين”.
وشدد جلالته على أنه “لا يمكن أن نقبل لنظامنا التعليمي أن يستمر في تخريج أفواج من العاطلين، خاصة في بعض الشعب الجامعية، التي يعرف الجميع أن حاملي الشهادات في تخصصاتها يجدون صعوبة قصوى في الاندماج في سوق الشغل.” ودعا جلالة الملك، كذلك، إلى وضع برنامج إجباري على مستوى كل مؤسسة لتأهيل الطلبة والمتدربين في اللغات الأجنبية لمدة تتراوح بين ثلاثة وستة أشهر، وتعزيز إدماج تعليم هذه اللغات في كل مستويات التعليم، خاصة في تدريس المواد التقنية والعلمية.
– خطاب افتتاح السنة التشريعية: جلالة الملك يساوي المغاربة في الخدمة العسكرية
دعا جلالة الملك محمد السادس، يوم الجمعة 12 أكتوبر، في خطابه السامي أمام أعضاء مجلسي البرلمان، بمناسبة افتتاح الدورة الأولى من السنة التشريعية الثالثة من الولاية التشريعية العاشرة، إلى الرفع من الدعم العمومي للأحزاب، مع تخصيص جزء منه لفائدة الكفاءات التي توظفها، في مجالات التفكير والتحليل والابتكار.
وقال جلالته “إن التعبئة الوطنية، والعمل الجماعي يتطلبان توفر مناخ سليم، وتعزيز التضامن بين مختلف الشرائح الاجتماعية”، مضيفا “هذا ما نهدف إلى تحقيقه من خلال الإصلاحات والتدابير الاقتصادية والاجتماعية، التي نعتمدها، من أجل تحسين ظروف العيش المشترك بين جميع المغاربة، والحد من الفوارق الاجتماعية والمجالية”.
وتطرق جلالة الملك إلى مشروع قانون الخدمة العسكرية الذي كان من المقرر أن يناقشه البرلمان، قائلا إن الخدمة العسكرية تقوي روح الانتماء للوطن، كما تمكن من الحصول على تكوين وتدريب يفتح فرص الاندماج المهني والاجتماعي أمام المجندين الذين يبرزون مؤهلاتهم، وروح المسؤولية والالتزام. وأكد جلالته ضمن خطابه على أن جميع المغاربة المعنيين، دون استثناء، سواسية في أداء الخدمة العسكرية، وذلك بمختلف فئاتهم وانتماءاتهم الاجتماعية وشواهدهم ومستوياتهم التعليمية.
– خطاب المسيرة الخضراء: دعوة صريحة لتجاوز الخلافات مع الجزائر
وجه جلالة الملك محمد السادس دعوة صريحة ومباشرة إلى قادة الجارة الشرقية لتجاوز الخلاف التاريخي بين البلدين، في خطابه السامي بمناسبة المسيرة الخضراء، مؤكدا أن “المغرب مستعد للحوار المباشر والصريح مع الجزائر الشقيقة من أجل تجاوز الخلافات الظرفية والموضوعية التي تعيق تطور العلاقات بين البلدين”.
وأشار جلالته إلى أن وضع العلاقات بين البلدين غير طبيعي وغير مقبول، موردا أن “مصالح شعوبنا هي في الوحدة والتكامل والاندماج، دون الحاجة لطرف ثالث للتدخل أو الوساطة بيننا”، متوقفا عند “واقع التفرقة والانشقاق داخل الفضاء المغاربي، في تناقض صارخ وغير معقول مع ما يجمع شعوبنا من أواصر الأخوة، ووحدة الدين واللغة، والتاريخ والمصير المشترك”.
واعتبر جلالة الملك أن “الواقع لا يتماشى مع الطموح الذي كان يحفز جيل التحرير والاستقلال على تحقيق الوحدة المغاربية، والذي جسده آنذاك مؤتمر طنجة سنة 1958، الذي نحتفل بذكراه الستين”، متوقفا عند “موقف المملكة المساند للثورة الجزائرية في توطيد العلاقات بين العرش المغربي والمقاومة الجزائرية، وأسس للوعي والعمل السياسي المغاربي المشترك”.
واقترح جلالته على القادة الجزائريين إحداث آلية سياسية مشتركة للحوار والتشاور، يتم الاتفاق على تحديد مستوى التمثيلية بها، وشكلها وطبيعتها، مؤكدا أن المغرب منفتح على الاقتراحات والمبادرات التي قد تتقدم بها الجزائر، بهدف تجاوز حالة الجمود التي تعرفها العلاقات بين البلدين الجارين الشقيقين.