النهار24 .
شكل العمل الإنساني النبيل ولا يزال دعامة أساسية وهيكلية في السياسة الخارجية للمملكة، تحت القيادة الرشيدة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصره الله، الذي لا يدخر جهدا ولا وسيلة للمساهمة في التخفيف من تداعيات الأزمات الإنسانية، أينما كانت، لاسيما بدول الجنوب.
وهكذا، فقد كان المغرب في مجموعة من المناسبات سباقا لتقديم يد العون للأشخاص المتضررين من الكوارث الطبيعية أو النزاعات المسلحة، لاسيما من خلال تقديم المواد الغذائية والأدوية واللوازم الطبية والخيام وإقامة المستشفيات الميدانية متعددة التخصصات.
وتنسجم المبادرة التي أطلقها صاحب الجلالة بتاريخ 13 أبريل 2020 مع هذه الروح التضامنية، إذ تروم هذه المبادرة الملكية السامية إرساء إطار عملياتي بهدف مواكبة البلدان الإفريقية في مختلف مراحل تدبيرها لجائحة كوفيد-19.
وهكذا فقد تجسدت هذه المبادرة ذات الطابع الواقعي والعملي، والتي تسمح بتقاسم التجارب والممارسات الجيدة لمواجهة التأثيرات الصحية والاقتصادية والاجتماعية للجائحة، في قرار صاحب الجلالة في يونيو 2020 بإرسال مساعدات طبية إلى عدة دول إفريقية لدعم جهودها في مكافحة كوفيد-19.
وتتكون هذه المساعدة من حوالي ثمانية ملايين كمامة، و900 ألف من الأقنعة الواقية، و600 ألف غطاء للرأس، و60 ألف سترة طبية، و30 ألف لتر من المطهرات الكحولية، وكذا 75 ألف علبة من الكلوروكين، و15 ألف علبة من الأزيتروميسين، وهي المنتوجات والمعدات الواقية التي تم تصنيعها في المغرب من طرف مقاولات مغربية، كما تتطابق مع معايير منظمة الصحة العالمية.
وتعكس هذه الخطوة ذات الحمولة الإنسانية القوية، والتي حظيت بإشادة دولية واسعة، قوة الروابط التي تجمع المغرب والدول الإفريقية الأخرى، والإرادة الراسخة للمملكة في مواكبة ودعم هذه الدول الشقيقة منها والصديقة، لاسيما في اللحظات العصيبة.
وتواصل زخم التضامن هذا، بقرار صاحب الجلالة في غشت 2020، إرسال مساعدة طبية وإنسانية عاجلة للبنان، وذلك على إثر الانفجار الضخم الذي هز العاصمة بيروت والذي خلف عددا كبيرا من الضحايا وخسائر مادية مهمة.
وأصدر جلالة الملك حينها، تعليماته السامية بإرسال وإقامة مستشفى طبي جراحي ميداني ببيروت، والذي تمكن بعد ثلاثة أشهر من العمل من تقديم 23 ألف و167 استشارة طبية لفائدة الجرحى من الساكنة اللبنانية، من بينهم 8863 من الرجال و9853 من النساء و4451 طفلا.
كما تم في هذا الإطار تقديم 55 ألف و555 استشارة طبية لفائدة 21 ألف و18 من الرجال، و24 ألف و151 من النساء، و10 آلاف و386 من الأطفال. وأجرى المستشفى العسكري، بنجاح، 431 تدخلا جراحيا و6433 تحليلا تكميليا، خاصة في البيولوجيا، والطب الإشعاعي، والتشخيص.
وتضمنت المساعدات المغربية للشعب اللبناني أيضا كمية من الأدوية خاصة بالإسعافات الأولية، ومواد غذائية وخياما وأغطية، لإيواء المتضررين، وتجهيزات طبية للوقاية من (كوفيد-19)، وخاصة الكمامات الواقية، وأقنعة، وغطاءات للرأس، ووزرات ومواد مطهرة.
وفي إطار نفس الدبلوماسية التضامنية والإنسانية، تفضل صاحب الجلالة الملك محمد السادس، رئيس لجنة القدس، في 14 ماي الماضي بإعطاء تعليماته السامية لإرسال مساعدات إنسانية عاجلة لفائدة السكان الفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة. وتتألف هذه المساعدات من مواد غذائية أساسية وأدوية للعلاجات الطارئة وأغطية، للمساهمة في التخفيف من وطأة الظروف الصعبة على الساكنة.
ويندرج هذا القرار الملكي السامي في إطار دعم المملكة المتواصل للقضية الفلسطينية العادلة، وتضامنها الدائم مع الشعب الفلسطيني الشقيق. كما يشكل امتدادا لعمل متواصل يقوم به جلالة الملك، بصفته رئيسا للجنة القدس، على المستوى السياسي والدبلوماسي والتحرك الميداني الذي تضطلع به وكالة بيت مال القدس، الذراع التنفيذية والميدانية للجنة القدس، تحت إشراف شخصي لجلالته، لفائدة الساكنة المقدسية من أجل توفير سبل العيش الكريم لها ودعم صمودها وقدراتها.
كما تجسدت هذه الدبلوماسية الإنسانية في القرار الملكي، بتاريخ 13 يوليوز الجاري، المتعلق بإرسال مساعدة طبية عاجلة لتونس، وذلك إثر الارتفاع القوي لحالات العدوى والوفيات المرتبطة بكوفيد-19 في هذا البلد المغاربي الشقيق.
وتندرج هذه المساعدة الطبية التي تتكون من وحدتي إنعاش كاملتين ومستقلتين، بطاقة إيوائية تبلغ 100 سرير، وتشمل 100 جهاز تنفس ومولدين للأكسجين بسعة 33 م 3 / ساعة لكل واحد منهما، في إطار روابط التضامن الفعال بين المملكة المغربية والجمهورية التونسية، وكذلك في إطار الأخوة العريقة التي تجمع الشعبين الشقيقين.
تعكس هذه المبادرات الانخراط القوي للمملكة المغربية، تحت القيادة الرشيدة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، أعزه الله، لفائدة العمل الإنساني النبيل، وكذا تجذر قيم التضامن والتعاون في تاريخ المملكة، التي تشكل ثقافة التقاسم والكرم أحد مميزاتها