النهار24 .
في مواجهة تداعيات جائحة فيروس كورونا المستجد التي أثرت على كل دول العالم بما فيها المغرب، أبانت المملكة عن تدبير نموذجي لهذه الأزمة، وذلك بفضل رؤية ملكية متبصرة واستباقية.
فمنذ ظهور حالات الإصابة الأولى بهذه الجائحة، أعطى صاحب الجلالة الملك محمد السادس في يناير الماضي، تعليماته السامية لإعادة المائة مواطن مغربي، وغالبيتهم من الطلبة، الذين كانوا موجودين بإقليم ووهان الصيني، الذي وضعته السلطات الصينية تحت الحجر الصحي، بسبب فيروس كورونا.
كما أمر جلالة الملك باعتماد مقاربة استباقية منذ بداية ظهور هذا الوباء، وتعزيز الإجراءات الوقائية والاحترازية غير المسبوقة، التي اتخذتها القطاعات والمؤسسات المعنية، بهدف الحد من انتشاره، ومواجهة تداعياته الصحية والاقتصادية والاجتماعية.
وكان جلالة الملك أعطى يوم 15 مارس المنصرم، تعليماته السامية للحكومة قصد الإحداث الفوري لصندوق خاص لتدبير ومواجهة وباء فيروس كورونا، يخصص للتكفل بالنفقات المتعلقة بتأهيل الآليات والوسائل الصحية، سواء فيما يتعلق بتوفير البنيات التحتية الملائمة أو المعدات والوسائل التي يتعين اقتناؤها بكل استعجال.
كما خصص هذا الصندوق لدعم الاقتصاد الوطني، من خلال مجموعة من التدابير المقترحة من طرف الحكومة، لاسيما فيما يخص مواكبة القطاعات الأكثر تأثرا بفعل انتشار فيروس كورونا، كالسياحة، وكذا في مجال الحفاظ على مناصب الشغل والتخفيف من التداعيات الاجتماعية لهذه الأزمة.
وقد مكن هذا الصندوق الذي بلغت مجموع المساهمات فيه إلى غاية متم يونيو الماضي 33,3 مليار درهم، من تقديم مساعدة مالية لفائدة ملايين الأسر التي تأثرت بالأزمة.
كما سيساهم الصندوق إلى غاية نهاية السنة الجارية في تخصيص موارد لمواصلة مواكبة القطاعات التي ستواجه صعوبات حتى بعد رفع الحجر الصحي وذلك على المستويين الاجتماعي والاقتصادي.
من جهة أخرى، وفي إطار المتابعة المستمرة من طرف جلالة الملك، لتطورات هذا الوباء، ترأس جلالته يوم 17 مارس الماضي بالقصر الملكي بالدار البيضاء، جلسة عمل استفسر خلالها جلالته وزير الصحة عن آخر تطورات الوضعية الصحية بالمملكة، والطاقة الاستيعابية للمستشفيات والوحدات الصحية، بمختلف جهات المملكة، وكذا توفير جميع مستلزمات السلامة الصحية، بما في ذلك مواد التعقيم والأدوية.
وحرصا من صاحب الجلالة الملك محمد السادس على الرفع من قدرات المنظومة الصحية الوطنية في مواجهة هذا الوباء، أصدر جلالة الملك، القائد الأعلى ورئيس أركان الحرب العامة للقوات المسلحة الملكية، تعليماته السامية للمفتش العام للقوات المسلحة الملكية، قصد وضع المراكز الطبية المجهزة، التي سبق لجلالته أن أمر بإحداثها لهذا الغرض، بمختلف جهات المملكة، رهن إشارة المنظومة الصحية بكل مكوناتها، إن اقتضى الحال وعند الحاجة.
وشكل هذا الاجتماع مناسبة لاستعراض مدى تنفيذ الإجراءات التي تم اتخاذها، بتوجيهات سامية من جلالته، والتي تهم إغلاق المجال الجوي والبحري المغربي أمام المسافرين، وإلغاء التجمعات والتظاهرات الرياضية والثقافية والفنية، وإحداث صندوق خاص بتدبير جائحة فيروس كورونا “كوفيد- 19″، وتوقيف الدراسة بالمدارس والجامعات، والإغلاق المؤقت للمساجد، وتعليق الجلسات بمختلف محاكم المملكة، إضافة إلى مجموعة من الإجراءات التي بادرت لاتخاذها السلطات المختصة، في مجالات النقل العمومي، وإغلاق المحلات العمومية غير الضرورية.
كما وجه جلالة الملك السلطات المختصة للسهر على حسن تطبيق التدابير الناجعة المتخذة في مجال ضمان تزويد الأسواق عبر التراب الوطني، بجميع المواد الغذائية والاستهلاكية، وبمواد التطهير والتعقيم، بصفة منتظمة ومتواصلة، ومحاربة مختلف أشكال الاحتكار والزيادة في الأسعار. وفي نفس السياق، أصدر جلالة الملك تعليماته السامية لرئيس الحكومة ولجميع القطاعات المعنية، باتخاذ جميع الإجراءات اللازمة، والإعداد لمرحلة جديدة، إن اقتضى الحال ذلك.
وبغرض الرفع من قدرات المنظومة الصحية الوطنية في مواجهة هذا الوباء، أعطى صاحب الجلالة الملك محمد السادس، القائد الأعلى ورئيس أركان الحرب العامة للقوات المسلحة الملكية، يوم 22 مارس المنصرم، تعليماته السامية للجنرال دو كوردارمي عبد الفتاح الوراق المفتش العام للقوات المسلحة الملكية، والجنرال دو كوردارمي محمد حرمو قائد الدرك الملكي، ومفتش مصلحة الصحة العسكرية للقوات المسلحة الملكية الجنرال دو بريغاد محمد العبار، بتكليف الطب العسكري بشكل مشترك مع نظيره المدني بالمهمة الحساسة لمكافحة وباء كوفيد- 19.
وإضافة إلى ذلك، وبهدف التغلب على بعض أشكال الخصاص الذي تمت معاينته في محاربة هذا الوباء، وتسهيل نقل وتبادل المعلومات بين مختلف المصالح المعنية، أعطى صاحب الجلالة تعليماته السامية لتعبئة وسائل الطب العسكري لتعزيز الهياكل الطبية المخصصة لتدبير هذا الوباء، من خلال الطاقم الطبي وشبه الطبي للقوات المسلحة الملكية، وذلك ابتداء من يوم الاثنين 23 مارس 2020.
وتطبيقا للتعليمات الملكية السامية، تمت أيضا تعبئة المصالح الاجتماعية للقوات المسلحة الملكية والدرك الملكي في هذه العملية. وحث جلالة الملك، في هذا السياق الخاص، الأطباء المدنيين والعسكريين على العمل في إطار من التعاون والتفاهم التامين، كما هو معهود فيهم، لأن الأمر يتعلق بصحة المغاربة والأجانب المتواجدين بالمغرب.
من جهة أخرى، وفي إطار العناية الموصولة التي يحيط بها جلالة الملك رعاياه المعتقلين بالمؤسسات السجنية والإصلاحية، تفضل أمير المؤمنين بإصدار عفوه المولوي الكريم في أبريل المنصرم، على 5654 معتقل، وأصدر أوامره باتخاذ جميع التدابير اللازمة لتعزيز حماية نزلاء المؤسسات السجنية خاصة من انتشار وباء كورونا المستجد.
وقد تم انتقاء المعتقلين المستفيدين من هذا العفو المولوي بناء على معايير إنسانية وموضوعية مضبوطة، تأخذ بعين الاعتبار سنهم، وهشاشة وضعيتهم الصحية، ومدة اعتقالهم، وما أبانوا عنه من حسن السيرة والسلوك والانضباط، طيلة مدة اعتقالهم.
وقد مكنت مختلف الإجراءات والتدابير المتخذة بقيادة جلالة الملك، المملكة من إبقاء الجائحة تحت السيطرة والحد من تداعياتها الاجتماعية والاقتصادية .