النهار24.
اطلعت، كما اطلع كثيرون، على المقال المنشور بموقع Le360 والذي وجه انتقادات لاذعة للسيد مصطفى التراب، المدير العام لمجموعة المكتب الشريف للفوسفاط (OCP). والمثير للاستغراب أن المقال يحاول تحميل الرجل مسؤولية “الإفراط في الصمت”، وكأن المطلوب من رئيس مؤسسة استراتيجية أن يتحول إلى ناطق رسمي أو نجم إعلامي، بدل التركيز على النتائج والعمل الميداني.
اولا من غير المنصف تقييم رجل بحجم مصطفى التراب خارج منطق الأرقام والمؤشرات. فمنذ توليه المسؤولية، تحول المكتب الشريف للفوسفاط من مؤسسة شبه تقليدية إلى عملاق عالمي، يحتل الريادة في سوق الفوسفاط والأسمدة، ويوفر للمغرب مداخيل بالعملة الصعبة تقدر بمليارات الدولارات سنويا.
تانيا، ينتقد المقال ما سماه غياب “الوضوح في التواصل”، بينما الواقع أن المجمع من أكثر المؤسسات المغربية انفتاحا عبر تقارير سنوية مفصلة، وشراكات وطنية ودولية، ومبادرات اجتماعية ملموسة في المناطق المنجمية. يكفي أن نشير إلى برنامج Act4Community، لفهم كيف تجاوز المجمع دوره الصناعي إلى المساهمة الفعلية في التنمية المجتمعية.
تالتا، تحميل التراب مسؤولية توترات اجتماعية أو اقتصادية هو اختزال ساذج لطبيعة الأدوار المؤسساتية، وتجاهل لحقيقة أن المجمع يشتغل ضمن رؤية ملكية واضحة تعزز الأمن الغذائي الوطني والإفريقي، وتضمن التوازن بين البعد الدبلوماسي والاجتماعي داخليا وخارجيا.
رابعا، ثم متى قال التراب إنه فوق الدولة؟ متى ادعى أنه هو الامر بالصرف أو المانح والمانع؟ كلها اتهامات باطلة، تسقط على رجل يدرك تماما حدود مسؤوليته المؤسسية. لكني أظن أن صاحب المقال يسعى من خلال كلماته إلى ابتزاز المؤسسة بغرض الحصول على إشهار، فربما قوبل طلبه بالرفض، فجاء المقال كمحاولة تصفية حساب غير معلنة، ألبست لبوس “النقد”.
خامسا، ما لا يعلمه كاتب المقال أو يتجاهله، أن المجمع أعاد هيكلت نفسه مرات عديدة، في توافق تام مع الجهوية الموسعة التي نادى بها جلالة الملك، بهدف ضمان فعالية التدبير والاستقلالية، دون الحاجة إلى الرجوع أليه شخصيا او للإدارة العامة إلا في ما هو استراتيجي ولعل عقد المجمع شراكات تمتد لعقود قادمة خير مثال في هذا الباب.
سادسا، يبدو أن كاتب المقال أغفل أيضا العلاقة المثمرة التي تربط المجمع بالجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، بقيادة فوزي لقجع، من خلال دعم مالي ملياري يهدف إلى تجويد المنتوج الكروي الوطني، وهو ما يفند الادعاء بوجود قطيعة بين الطرفين. أما عن العلاقة بين الوزيرة والمدير العام للمجمع، فقد استمعنا جميعا لجوابها في الغرفة الثانية للبرلمان، حيث أثنت على نموذج العمل داخل المجمع، وعلى أثره في التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
سابعا، كاتب المقال يعتقد أن انطلاقة المجمع ستكون بعد رحيل التراب وكأنه يعلم الغيب، وهو ما يظهر محاولة طمسه للحقائق لأنه وبشكل مستفز يسوق الارقام وينتاقدها وينقل الكلام وعكسه وكأنه يريد بكل شكل من الاشكال اخفاء الشمس بالغربال…بلغة العامة ” ماذا تلومون على الورد أنه احمر الخدين” وهذا للاسف هو ديدن من يريد ان يسقط الهامات والقامات فقط لغرض في نفس يعقوب.
في الختام، من المهم أن نتساءل: ما البديل الذي يقدمه هذا النقد؟ وهل أصبح التحفظ والحكمة في الخطاب عيبا يحاسب عليه المسؤولون؟ وهل نجازي الكفاءة بالإسقاط؟
اعتقد أنه في زمن الشعارات والضجيج، يبقى العمل الصامت، المنتج، والمؤسس هو الأجدر بالاحترام. وإذا كان مصطفى التراب لا يكثر من الخرجات الإعلامية، فإن لغة الأرقام، والتشغيل، والاستثمارات، والبحوث العلمية تتحدث باسمه بكل وضوح.