النهار24.
يتم هذه الأيام تداول أنباء تفيد بقرب إجراء إعادة هيكلة شاملة للمجلس الملكي الاستشاري للشؤون الصحراوية (الكوركاس)، تشمل تعديلات على مستوى التشكيلة الحالية، مع فتح الباب أمام طاقات جديدة من الكفاءات الشابة، في خطوة يُنتظر أن تعزز فعالية المجلس وتعيد إحياء أدواره الاستشارية في ملف الصحراء المغربية.
وتُشير ذات المصادر إلى أن التغييرات المرتقبة قد تمس مستوى رئاسة المجلس ونوابه، في ظل توجه رسمي نحو تجديد النخب داخل المؤسسات الاستشارية وتوسيع دائرة التمثيلية المجتمعية، خاصة في منطقة تعرف تحولات اقتصادية ودبلوماسية متسارعة.
شباب وتكنوقراط ضمن عضوية جديدة
حسب المعطيات الأولية، فإن الهيكلة الجديدة للمجلس قد تشهد إدماج وجوه شبابية من النشطاء والسياسيين المحليين، ممن راكموا خبرات في المجال الحقوقي أو الإعلامي أو ضمن مؤسسات المجتمع المدني. ويُتوقع أن يشمل التغيير أيضًا بعض الأسماء التقليدية التي ظلت حاضرة في المجلس منذ إنشائه سنة 2006، مما قد يؤشر على نهاية مرحلة وبداية أخرى أكثر دينامية.
اسمـان في الصدارة: ميارة ولخريف
تتداول أوساط سياسية متخصصة في الشأن الصحراوي، وفقًا لما توصلت به هنا الصحراء، اسم نعم ميارة، الرئيس السابق لمجلس المستشارين، كأحد أبرز المرشحين لتولي رئاسة المجلس خلفًا لخليهنا ولد الرشيد، الذي ترأسه لقرابة عقدين.
ويُعد ميارة، أحد أبناء الأقاليم الجنوبية، شخصية سياسية مرنة تجمع بين البعد النقابي والانتماء الحزبي (الاتحاد العام للشغالين بالمغرب/حزب الاستقلال)، وله امتداد مؤسساتي يجعل منه خيارًا يحظى بقبول على مستويات مختلفة.
إلى جانبه، يبرز اسم أحمد لخريف، الكاتب العام السابق للكوركاس ووزير الخارجية الأسبق، الذي يُعرف بكونه أحد مهندسي تيار “أهل الرشيد” بالصحراء، التيار الذي ظل لسنوات يشكل قاعدة نفوذ واسعة في العيون والمناطق المجاورة، ويُنظر إليه كمثقف هادئ لكنه شديد التأثير في القرارات المرتبطة بملف الصحراء على الصعيدين الدبلوماسي والقبلي.
سياق التغيير: مرحلة جديدة في ملف الصحراء
يأتي الحديث عن هذه التغييرات في سياق تعرف فيه قضية الصحراء المغربية زخمًا دبلوماسيًا متجددًا، تزامنًا مع توالي افتتاح القنصليات الأجنبية في العيون والداخلة، وتنامي التأييد الدولي لمبادرة الحكم الذاتي.
ويرى مراقبون أن إعادة هيكلة الكوركاس تأتي لتأهيله للقيام بأدوار جديدة، قد تشمل دعم المرافعة السياسية والدبلوماسية، والمساهمة في رسم السياسات العمومية التنموية الخاصة بالأقاليم الجنوبية، بل وحتى إسناد الملف في المحافل الدولية.
تحليل: من مجلس صامت إلى فاعل سياسي؟
منذ تأسيسه سنة 2006، ظل المجلس الملكي الاستشاري للشؤون الصحراوية مؤسسة استشارية ذات طبيعة رمزية، ولم يُسجل له حضور بارز في السنوات الأخيرة، ما دفع متتبعين إلى التساؤل عن جدوى بقائه بنفس الشكل والوظائف.
ويبدو أن التحولات الجديدة تضع المجلس أمام رهان التحول إلى هيئة استشارية حقيقية فاعلة، تتكامل أدوارها مع الديناميات التي تشهدها الصحراء سياسيًا واقتصاديًا وتنمويًا، خاصة مع صعود جيل جديد من الفاعلين المحليين والمؤثرين الرقميين الذين باتوا يشكلون جزءًا من الفضاء العمومي في الجنوب.
إعادة هيكلة “الكوركاس” المرتقبة تعكس توجهًا نحو إعادة توزيع الأدوار داخل المؤسسات المتابعة لقضية الصحراء، مع تعزيز الحضور الشبابي وتحديث آليات العمل. وبين أسماء بارزة مثل ميارة ولخريف، يبدو أن التغيير قادم لا محالة، ويبقى السؤال: هل سيُعيد هذا النفس الجديد للمجلس موقعه ضمن هندسة تدبير الملف الصحراوي داخليًا وخارجيًا؟


















