تآكل النفوذ الجزائري دبلوماسيًا: باريس تراجع اتفاقياتها والجزائر تخسر رهانها داخل مجلس الأمن

الإدارة30 أكتوبر 2025
تآكل النفوذ الجزائري دبلوماسيًا: باريس تراجع اتفاقياتها والجزائر تخسر رهانها داخل مجلس الأمن

النهار24. 

في لحظة سياسية دقيقة، يبدو أن الجزائر تواجه تراجعًا حادًّا في موقعها الدبلوماسي على أكثر من جبهة، بين أزمة داخل مجلس الأمن بسبب محاولاتها التأثير على مسار ملف الصحراء المغربية، وصدمة خارجية من باريس بعد تصويت البرلمان الفرنسي بالأغلبية على وقف اتفاقية الهجرة لسنة 1968 وإعادة النظر في جميع الاتفاقيات الموقعة مع النظام الجزائري.

فبينما كان يُفترض – بحسب مراقبين – أن توظّف الجزائر علاقاتها ونفوذها الدولي للدفاع عن مصالحها الوطنية وحماية الجالية الجزائرية في فرنسا، اختار وزير خارجيتها أحمد عطاف التحرك في الاتجاه المعاكس، حيث أجرى اتصالات مكثفة مع وزراء خارجية الدول الأعضاء في مجلس الأمن لدفعهم إلى رفض المقترح الأمريكي الداعم للحكم الذاتي المغربي في الصحراء.

تحركٌ اعتبره عدد من المحللين رهانًا خاسرًا من البداية، نظراً للتحول الواضح في مواقف القوى الكبرى التي باتت ترى في المقترح المغربي الحل الأكثر واقعية واستقرارًا للنزاع.

وفي المقابل، جاء قرار البرلمان الفرنسي بوقف اتفاقية 1968 المتعلقة بحرية تنقل وإقامة الجزائريين في فرنسا كصفعة سياسية موجعة للنظام الجزائري، خاصة وأن الاتفاقية كانت تشكّل حجر زاوية في العلاقات الثنائية منذ أكثر من نصف قرن.

التصويت، الذي حظي بدعم أغلبية واضحة، ترافق مع دعوات لإعادة تقييم شاملة لكافة الاتفاقيات الثنائية، خصوصًا في مجالات الهجرة، الأمن، والطاقة، ما يعكس تحولًا جذريًا في المزاج السياسي الفرنسي تجاه الجزائر بعد سنوات من التوتر الدبلوماسي والاتهامات المتبادلة.

ويرى محللون أن التحرك الفرنسي الأخير يحمل رسائل متعددة:

من جهة، هو تعبير عن استياء باريس من مواقف الجزائر المتناقضة في الملفات الإقليمية، خاصة تجاه الساحل والصحراء. ومن جهة أخرى، هو إشارة إلى تقارب فرنسي – مغربي متجدد يتعزز مع وضوح الموقف الدولي لصالح مبادرة الحكم الذاتي المغربية.

كما أن خسارة الجزائر لدعم بعض القوى التقليدية داخل مجلس الأمن، مقابل تزايد الاعتراف الدولي بجدوى الحل المغربي، تعكس تراجع فاعلية الدبلوماسية الجزائرية التي بدت منشغلة بمناكفة الرباط أكثر من خدمة مصالحها الوطنية أو مصالح مواطنيها المقيمين في الخارج.

وبين تآكل النفوذ في الأمم المتحدة وتدهور العلاقات مع باريس، يجد النظام الجزائري نفسه أمام عزلة سياسية غير مسبوقة، في وقت تمضي فيه الرباط بخطى ثابتة لترسيخ موقعها كقوة إقليمية مؤثرة، قادرة على بناء تحالفات دولية قائمة على الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

الاخبار العاجلة