النهار24 .
قال عبد الفتاح الفاتحي، خبير ومتخصص في قضية الصحراء المغربية، إن استقالة هورست كوهلر كانت جد مفاجئة ومأسوف عليها بعدما بات الرجل يحظى بتأييد كافة الأطراف، وخاصة من لدن مجلس الأمن الدولي، الذي أشاد بالدينامية الجديدة التي حققها الرجل، والتي تجسدت في القرار الأممي الأخير حول الصحراء رقم 2468.
وأضاف الفاتحي ، أن كوهلر استطاع إحياء المباحثات حول إيجاد تسوية سياسية لنزاع الصحراء، بعدما توقفت منذ سنة 2012، حيث ابتدع عقد موائد مستديرة بين أطراف النزاع، وألح جاهدا على حضور الجزائر في البحث عن تسوية لقضية الصحراء المغربية لدورها المباشر والأساسي في النزاع.
وأوضح الخبير والمتخصص في قضية الصحراء المغربية، انه لكل ما سبق ذكره، بات كوهلر يحظى بإشادات دولية، وأصبح الشخصية المثلى والقادرة على تحقيق اختراق في ملف نزاع الصحراء، حتى إن العديد من التوقعات رجحت إمكانية التوصل إلى تسوية سياسية وشيكة في عهده، وخاصة أنه كرس الواقعية السياسية كأساس لإيجاد حل سياسي متوافق بشأنه ومقبول لدى الأطراف، بعدما حقق تطورات هامة في ملف الصحراء.
من جهة أخرى، اعتقد الفاتحي، أن كوهلر مورست عليه ضغوطات، خاصة وأنه سبق له التاكيد على مسار تنظيم مائدة مستديرة بعد القرار الأخير لمجلس الأمن حول الصحراء ودعا إلى مائدة ثالثة كانت منتظرة الصيف المقبل، لذلك فالرجل مورست عليه ضغوطات لإيقاف عمله الساعي الى إيجاد تسوية سياسية في أقرب فرصة وفق ما يطلبه منه مجلس الأمن الدولي، وقد بدأ بالفعل في تعبيد الطريق، لذلك أقنع الجزائر بالحضور إلى موائده المستديرة باعتبارها لاعبا أساسيا في نزاع الصحراء وبعدها كرس مبدأ الواقعية والاستدامة كأساس لتصور أي حل لنزاع الصحراء.
وخلص الفاتحي إلى القول، إن استقالة كوهلر تتجاوز دواعي الحالة الصحية للرجل، سيما وأننا لم نسمع عن تقارير صحية حرجة حوله، ليبقى فرض استقالته ناجمة عن عدم تلمس رغبة حقيقية لدى خصوم المغرب في إيجاد حل سياسي في الظروف الحالية، حيث تعيش الجزائر على صفيح سياسي ساخن، فمارست ضغوطا لتعطيل عمل كوهلر إلى أن تصبح جاهزة سياسيا على المستوى الداخلي.
ولأن المشهد السياسي الإقليمي في المنطقة يجعل الأطراف الأخرى في وضع ضعيف أمام الموقف التفاوضي المغربي لمواصلة الحوار السياسي لإيجاد تسوية سياسية لنزاع الصحراء، لذلك تميل الجزائر إلى نهج عرقلة مسار التسوية بكل الطرق لتأجيل مناقشات ملف الصحراء إلى حدوث زمن سياسي جيد للجزائر والبوليساريو.
ولهذه الاعتبارات تصبح استقالة كوهلر مفاجئة للغاية ومتزامنة بعد زيارة وفد من جهة البوليساريو الى البرلمان الألماني قبل أسبوع، في محاولة منه للضغط في اتجاه تغيير خطة المقاربة الواقعية التي بدأت تتوضح أكثر في قرارات مجلس الأمن الأخيرة، والتي شكلت نهجا اعتمده كوهلر في تدبير جدول أعمال المائدتين السابقتين بجنيف حول الصحراء.