النهار24 .
إن المتتبع للخطاب الملكي الذي جاء بمناسبة الذكرى السابعة والستين لثورة الملك والشعب، سيقف على تجليات دقيقة وحاسمة ، فصاحب الجلالة جمع بين الماضي البعيد من خلال ثورة 1953 ولحمة الشعب والعرش لمواجهة الاستعمار والماضي القريب لمواجهة كورونا.
ان القاسم المشترك بين اللحمتين هو منطق العدو فالأول كان الإستعمار والثاني فيروس كورونا، هذا من جهة منطق الآخر اما الواقع فينا فتتوحد في مبدأ المواطنة ومدى ايماننا بأن حماية اشخصنا هو حماية للآخرين والمحيطين بنا، وقد نبه اليها صاحب الجلالة بقوله: ” فهناك من يدعي بأن هذا الوباء غير موجود؛ وهناك من يعتقد بأن رفع الحجر الصحي يعني انتهاء المرض؛ وهناك عدد من الناس يتعاملون مع الوضع، بنوع من التهاون والتراخي غير المقبول.”
مما لا يدع مجالا للشك وكما يؤكد اهل الإختصاص دوليا أو وطنيا فإن فيروس كوفيد 19 يشكل تهديدا حقيقيا للمواطن والمجتمع وهو بالتالي تهديد صحي للدولة، ولولا حقيقته ما طبق المغرب الحجر الصحي ولا حالة الطوارئ ولا جعل من الإقتصاد يعاني لا لشئ إلا خدمة لمصلحة المواطن، وهو ما يتأكد في جميع خطابات صاحب الجلالة ان المواطن يعتبر أولوية قصوى.
للأسف الشديد فالوعي المجتمعي هو الرابط الأساسي في المعادلة وللأسف الشديد فقد تحق فينا مقولة الجابري في كتابه مشكلة العقل العربي عندما قال : مشكلة العقل العربي أنه دائما متشبثا بآخر كتاب قرأه، و يا ليتنا تشبتنا بكتاب قرأناه فهذا يعني اننا في جميع الاحوال نقرأ، ولكننا في الحقيقة نظل متشبثين بآخر مقطع فيديو رأيناه.
ولنا في ماضي الحجر الصحي العديد من التجارب فهناك من يدعي بغياب الفيروس وهناك من إعتبر بعض الأعشاب حلا له وفي أجمل الحالات اعتبرها العديد منا كمغاربة مؤامرة، وشخصيا أجعل من نفسي بمنأى عن الأسباب وأومن بحقيقة الوباء واعمل ما استطعت سبيلا طبقا لمقتضيات الصحة حماية لنفسي ولمحيطي.
أشار صاحب الجلالة الى إمكانية إعادة تطبيق الحجر الصحي في ظل ارتفاع الأعداد وهو ما سيكون حقيقة مادام المواطن مستهترا بالموت المحيط به، والمسؤول عن هذا التراجع هو ذاك الإنسان الذي يتحجج بعدم ارتداء الكمامة التي لا يتجاوز ثمنها 80 سنتما (والتي سبق أن أعطى جلالته تعليماته أن توزع بالمحان على الفقراء والمحتاجين ) ، فمن غير المقبول هذا الإستهتار ومن غير المقبول أيضا تهاون أو تراخي مختلف مؤسسات الدولة في تطبيق القانون، قلناها سابقا ونكررها اليوم عدم تطبيق القانون في ظل جائحة كورونا هو خيانة للوطن.
عدم الإخلاص للوطن تكون بوضع اليد ومساعدة العدو، اليوم نحن في قرن العولمة ولم يعد العدو شخصا ماديا أو دولة فقط وإنما قد يكون عدوا صحيا لا يمكن مواجهته إلا بالفكر والإلتزام وتطبيق القانون. ونحن في حديثنا عن العدو فهل اليوم نحن كمغاربة في مواجهة عدو صحي أم عدو فكري.
وقد إختتم صاحب الجلالة خطابه بالقول : “وإني واثق بأن المغاربة، يستطيعون رفع هذا التحدي، والسير على نهج أجدادهم، في الالتزام بروح الوطنية الحقة، وبواجبات المواطنة الإيجابية، لما فيه خير شعبنا وبلادنا.” وهي عبارة وجب علينا كمغاربة ان نكون على قدر مسؤوليتها فثقة صاحب الجلالة فينا كأفراد مواطنين ومؤسسات وطنية تستدعي إعادة رص الصفوف وإعادة التفكير في عاداتنا اليومية للإلتزام بمقررات السلامة الصحية، وإلا فإنه سيكون على الدولة التدخل بشكل حاسم وحازم لحماية مواطنين التزموا بتعليمات الوزارات الوصية. وهذا من الحقوق التي يجب أن تراعي، يجب التدخل لحماية أقليات كل ذنبها أنها تكابد في التزامها بقواعد السلامة في مواجهة أكثرية كل جرمها أنها تقر بغياب فيروس أتفق الأطباء والخبراء والمنظمات الصحية على تسميته بكوفيد 19 ونبهوا أنه قاتل، فإلى أي صف ستكون الغلبة.