النهار24 .
في المغرب يحدث ان تتقدم بطلب عمل لشركة كبيرة، ويقبل طلبك لوساطة او كفاءة، ومع مرور الوقت والسنين تنال ثقة مشغلك، فيمنحك صلاحيات اكثر، و علاوات اكبر، وتكون بفضل عملك قريبا منه، كاثما لأسرار شركته وعملك،
و عندما تسير الأمور كما يريدها المشغل، يصبح الموظف مسكونا بهوس الإرتقاء الإجتماعي، خاصة وأن رب العمل و المنصب يعرفانه بشخصيات و وجوه ومعارف و علاقات…
وكلما إمتلأت الأرصدة التي كانت مجرد حساب بنكي لتلقي الأجرة، وكلما كثرت أرقام المسؤولين بهاتف الموظف ،يعتقد في لحظة غرور شيطاني أنه أصبح ضرورة لا يمكن الإستغناء عنها، و تحول إلى لوبي وسط الشركة وكأنه يمسك على رب الشركة الملفات…
تلك هي قصة إمرأة كانت مجرد موظفة، من أسرة كانت تبحث لإبنتها عن منصب شغل يسترها، فكان لها ذلك، و تزوجت وانجبت، و كبرت وكبرت معها طموحاتها،
أرادت ان تكسر قاعدة ان العين لا تعلو على الحاجب، فأرادت ان تفقأ العين، فتحولت الموظفة إلى ممارسة ما يمارسه مشغلها، فتأخد من ماله لتعطي للمحسنين و المحتاجين لتصنع لها إسما، و دخلت مع المستثمرين لتفتح لها ارصدة،
ولأن الرباط هو رباط عمل، ولأن المشغل هو أسرة وعائلة قبل أن يكون شركة و مقاولة، فقد كان طبيعيا أن يقرر أفراد الأسرة او بعضهم او أحدهم إنهاء عقد العمل، و من حق الموظفة التي ارتقت وأصبحت مديرة ان تطالب بحقوقها كما يضمنها القانون ،
لكن تعنتها واصرارها على التشبت بالكرسي و النفوذ و إعتقادها انها تملك ملفات راكمتها عبر سنوات عملها يمكن أن توظفها للوي دراع المشغل،جعلها تعاند.
هو وهم العظمة، و وهم العين التي تريد أن تعلو على الحاجب،
الموظفة البسيطة التي جاءت يوما تستجدي عملا ،أصبحت لها ارصدة بنكية بالملايين، كي لا نقول بالملايير، و كل ممتلكاتها ويا سبحان الله هي من مشاريع الشركة التي تعمل بها، و كل المقربين من اسرتها ومحيطها كلهم بقدرة قادر زبناء لدى الشركة التي تشغلها،
الفرق هنا هو أن اي إختلالات من الشركة يمكن أن تكون عدم إلتزام بأداء مستحقات الدولة، أو تأخر في الأداء، أو تمويه في التصريح ، وغيرها مما تعرفه كل الشركات الوطنية كبيرة كانت او صغيرة، وكلما كانت الصرامة و المراقبة من الإدارة كلما تم الإلتزام و السداد و الأداء،
ففي نهاية الأمر ،الشركة او الشركات عندما تستثمر في قطاع اجتماعي تصبح جزءا من مشروع الدولة تغطي حاجات وتستفيذ من امتيازات وتقدم تسهيلات…
لكن السؤال عن موظفة سمت نفسها بالحديدية، دلالة على القوة، ولا احد يريد أن يسأل او يستفسر، من أين لهذه السيدة هذه القوة التي تدعيها؟
وما مصدر اموالها الطائلة وهي مجرد مديرة بشركة للإسكان؟
ومن كان يتخيل ان هذه الموظفة البسيطة ستملك إمكانية إرسال ابنتها إلى كندا، لتتجرأ على إشهار خازن ملفات وتلوح بلوائح و تطعن في شخصيات في القضاء، وتحتمي بالخارج و تستقوي به ضد بلدها، وتقحم ملك البلاد في ملف معروض أمام القضاء؟
المرأة الحديدية التي يتصدأ حديدها بسجن أيت ملول هي متابعة بتهم الإختلاس وخيانة الأمانة، و لا أحد ممن يتابع الملف يستفسر عن مصدر ثروةهذه الموظفة وعائلتها ما لم يكن هو التلاعب بملفات كانت هي من تديرها بعد أن نالت ثقة مشغلها،
اما دفوعات المرأة الحديدية وتهديداتها فكلها تخص علاقة الشركات بالدولة ،وذلك امر يدبر عبر قنواته القانونية ومساطره الإدارية ،و اي خلل او إخلال تتم تسويته وفق مصالح الدولة المغربية ،
لكن خيانة الأمانة، و الإختلاس ، و وهم قيادة إنقلاب ضد شركات كبرى إرضاء لغرور المنصب ،وجبروت النفوذ، و طغيان المصالح ، كلها أمور تقود إلى مغامرة غير محسوبة العواقب، آخرها إلتفاف عن الحقيقة وضعف واستعطاف…
الحديد يأكله الصدأ، كما الخشب تأكله النار، وحده المعدن الأصيل، معدن صيانة الأمانة و النزاهة في العمل، و خدمة الوطن ،ورعاية مصالح الناس هو من يلمع في سماء هذا الوطن.