الجمعة 03 مارس 2024
spot_img
الرئيسيةمجتمعالدروس الحسنية الرمضانية : سنة حميدة تفردت بها المملكة المغربية .

الدروس الحسنية الرمضانية : سنة حميدة تفردت بها المملكة المغربية .

النهار24 .

سنة حميدة تفردت بها المملكة المغربية من دون سائر بلدان المسلمين، تلك هي الدروس الحسنية الرمضانية التي دأبت رحاب القصر الملكي بالرباط على احتضانها منذ النصف الأول لعقد الستينيات، حيث شكلت إحدى تجليات الهوية الدينية للمغرب، كما أراد لها الملك الراحل الحسن الثاني -رحمه الله- أن تكون.

إنها دروس يكفيها فضلا أن تحفها الفيوضات الرحمانية لشهر الصيام، وأن تشملها الفضائل الربانية لمجالس الذكر، وتكسوها خيرية التفقه في الدين بما تستلزمه من إحاطة واسعة بعلوم شريعة الإسلام السمحة، واستيعاب متبصر لما استجد في أوضاعنا المعاصرة، وما تغير من أحوالنا المعيشية، وصولا إلى المزاوجة المنشودة بين فقه التأصيل وفقه التنزيل؛ الأمر الذي لمسه المتتبعون بوضوح، ليس فقط في تعدد الموضوعات المطروحة للدرس والتحليل، ولكن أيضا في اختلاف زوايا النظر والمعالجة.

يشار إلى أن الدروس الحسنية الرمضانية ظهرت لأول مرة في غرة شهر رمضان المبارك من عام 1382 هجرية، الموافق لعام 1963 ميلادية، وتزامن ذلك مع انتخاب أول برلمان مغربي في ظل مخاض سياسي عسير شهدته البلاد في تلك الآونة برغم حداثة عهدها بالاستقلال؛ وهي يومها أحوج ما تكون إلى تحصين مناعتها الحضارية قبالة تدفق موجات الاستلاب الأيديولوجي والتغريب الثقافي العاتية، وكذا إلى الذود عن حياض هويتها الإسلامية التي باتت مهددة بتنامي المد الشيوعي الإلحادي وصعود نجم التيار القومي العلماني.

وهكذا رأت النور ولم يمضِ على تولي مؤسسها جلالة الملك الراحل الحسن الثاني مقاليد الحكم سوى عامين، وبعد مرور سنة على إقرار أول دستور عرفه تاريخ المغرب المعاصر، والذي صدرت ديباجته بالتأكيد على إسلامية الدولة المغربية، ونص في فصله السادس على أن الإسلام هو دين الدولة الرسمي، كما جعل الفصول المتعلقة بالدين الحنيف في منأى عن أي تعديل أو تبديل.

وتعتبر الدروس الرمضانية مناسبة لإعادة الاعتبار لمكانة العلماء وتأكيد دورهم التوجيهي داخل المجتمع، وهذا ما ترجمه بالفعل التقليد الذي جرى اعتماده في ترتيب مشهد هذه الدروس؛ والذي يجعل واحدا من العلماء المدعوين يعتلي المنبر بقصد إلقاء الدرس المقرر بحضرة الملك والأمراء والمستشارين، هذا إلى جانب أعضاء الحكومة يتقدمهم الوزير الأول، وكذلك رئيسا مجلسي النواب والمستشارين، ورؤساء الفرق البرلمانية، وأعضاء الدواوين الوزارية، وكبار ضباط الجيش، فضلا عن العديد من الشخصيات العلمية والثقافية التي عادة ما توجه لها الدعوة لحضور مثل هذه المجالس.

ويجلس أعضاء السلك الدبلوماسي شهودا على هذا الموقف الذي يتمتع فيه صاحب الدرس بالحصانة ضد أي اعتراض أو تعقيب من قبل الحاضرين؛ فالكل مطالب بالإصغاء لما يقوله العالم الذي يكون حرا في اختيار موضوع الدرس. كما أن البث المباشر -عبر أمواج الإذاعة الوطنية ومن خلال شاشة التلفزة- يجعله في حل من مقص الرقابة الذي عادة ما يحد من حرية تعبير العالم عما يود إبلاغه لملايين المشاهدين والمستمعين.

وفي هذا الإطار وتكريسا لهذا التقليد العريق، ترأس أمير المؤمنين صاحب الجلالة الملك محمد السادس، مرفوقا بصاحب السمو الملكي ولي العهد الأمير مولاي الحسن، وصاحب السمو الملكي الأمير مولاي رشيد، وصاحب السمو الأمير مولاي إسماعيل، يوم الجمعة المنصرم بالقصر الملكي بالرباط، الدرس الأول من سلسلة الدروس الحسنية الرمضانية.

وألقى الدرس الأول، بين يدي أمير المؤمنين، أحمد التوفيق، وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية، متناولا بالدرس والتحليل موضوع “استثمار قيم الدين في نموذج التنمية”، انطلاقا من قول الله تعالى في سورة آل عمران “كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله”.

مقالات ذات صلة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

- Advertisment -
Google search engine

الأكثر شهرة

احدث التعليقات