ستنطلق سلسلة لقاءات غير مباشرة بين مسؤولين مغاربة و جبهة البوليساريو بحضور كل من الجزائر موريتانيا و فرنسا و بريطانيا، و هو لقاء يمكن اعتباره لقاء تشاوريا أكثر منه مفاوضات لأنه لحدود اللحظة ليست هناك أرضية مشتركة للتفاوض، أو نقط التقاء تكون صالحة لأي تفاوض مباشر او غير مباشر،فالمغرب متشبث بخيار الحل السياسي المتمثل في الحكم الذاتي الذي يعتبره الأرضية الوحيدة القابلة للنقاش و أنه أقصى ما يمكن أن يقدمه في هذا الباب، و الجبهة مازالت متشبثة بخيار كلاسيكي المتمثل في استفتاء تقرير المصير الذي كان قد أوصل الملف ككل للجمود بسبب استحالة تطبيقه لأسباب موضوعية مرتبطة بالتركيبة الديموغرافية خاصة بالمخيمات التي تم ” تهجينها” و ذاتية متعلقة بالملف نفسه و واقتناع الأمم المتحدة باستحالة تطبيقه، إن الوصول لحالة التناقض الحاد بين المقترحين قد تدفع الأمم المتحدة مستقبلا للتفكير في حل يدمج الصيغتين و هو ما سيرفضه المغرب بالتأكيد و سنعود بنفس النقطة الحالية المغرب يدبر الإقليم و الجبهة في المخيمات على الأراضي الجزائرية. إننا إذن أمام محاولة ضخ دماء جديدة في شرايين العلاقة بين المغرب و الأمم المتحدة من جهة و الجبهة من جهة أخرى، دماء قد تسعف على الأقل في حلحلة الملف من وضعية الجمود الحالي إلى وضع يبعث الامل على إنهاء هذا النزاع المفتعل حول الصحراء، و هي محاولة ستصطدم ب:
– الجزائر و رغبتها في الاستمرار بالتحكم بخيوط الجبهة، و تأزيم العلاقة مع المغرب هنا تدخل تصريحات مساهل و اويحيى الأخيرة في قمة 5+5 التي لم تكن اعتباطية بل مرتبطة بهذا السياق و هي محاولة لاستفزاز المغرب قبل ذهابه لبرلين عله يقوم برد فعل سلبي يبرر التصعيدالجزائري و اتخاذ موقف من الذهاب لبرلين، هي بذلك تؤكد على أنها طرف أساسي في الملف و فاعلة به و بأحد أطرافه” البوليساريو”.
– ستصطدم كذلك بالبوليساريو نفسها من جهة عدم قدرة قيادتها على الحركة خاصة إبراهيم غالي المتابع و المطلوب للعدالة الاسبانية، إذ كيف يمكن الحوار مع قيادة مطلوبة للعدالة و حركتها مقيدة بسبب ذلك!! كما أن ما يحدث بالمخيمات من تفاعل و حركة نشيطة لشبابها و بعض قيادتها السياسية آخرها مؤسسي المبادرة الصحراوية و هم من مسؤولي الجبهة و ممثلي مكاتبها بأوروبا، يجعل من إمكانية الوصول لحل مع تنظيم لم يعد هو الممثل الوحيد لساكنة المخيمات بل دخلت معه أطراف جديدة تنازعه التمثيلية و لها رؤيتها للنزاع و للحل السياسي. – صعوبة أخرى تجعلنا لا ننتظر الشيء الكثير من هذه اللقاءات على الأقل في جولتها الحالية هي مرتبطة بكون مسلسل بعث الثقة و الوصول لمفاوضات مباشرة قد يأخذ الكثير من الوقت و الزمن الأممي، لأننا أمام صعوبات حقيقية حيث لا يمكن أن نبعث الثقة من جديد و الجبهة مازالت تنتهك اتفاق وقف إطلاق النار، و الجبهة مازالت تعتمد لغة التهديد بحمل السلاح ضد المغرب و هي لغة تتناقض و التفاوض السياسي بل و الحل السياسي في نطاق المادة 6 من ميثاق الأمم المتحدة ، و الجبهة ترفض إحصاء اللاجئين و الامتثال لقرارات مجلس الأمن….إذن هذه كلها عناصر تدفع في اتجاه عدم بعث الثقة هذه الأخيرة التي تعد أساس أي لقاء أو تفاوض أو جلسة كيفما كان نوعها، بمعنى إننا أمام لحظة ننتظر فيها الجبهة أن تقدم إشارات إيجابية المغرب و للامم المتحدة.
– صعوبة أخرى مرتبطة بالهجوم الإعلامي الكبير الذي ازدادت حدته مؤخرا بمجرد إعلان كورست هولر عن دعوة فرنسا، حيث أصبحت في مرمى نيران الجبهة إعلاميا إذ لا تخلو أية قصاصة من التهجم عليها، و لا تصريح لأي مسؤول للجبهة يمكن أن يمر دون الهجوم على فرنسا و هو هجوم كما سبق ذكره ازدادت حدته مؤخرا للضغط عليها، هنا يطرح تساؤل هل يستقيم أن تتم دعوة دولة للقاء تحت الرعاية الاممية و تكون عرضة للهجوم المكثف بمناسبة و بدون مناسبة؟ إن الهدف واضح هو محاولة تحييد الدول التي لها رؤية قريبة من رؤية المغرب الحل السياسي المقترح لعزل المغرب إقليميا و متوسطيا ثم أمميا. إن اللقاء الحالي لن ينتظر منه الشيء الكثير ، ستكون لحظة “هامشية” إذا ما قارناها بالمسلسل الذي نعيشه علاقة بالجبهة و الجزائر منذ أكثر من سنة أقصى ما يمكن أن يكون عليه الأمر هو أنها ستكون موضوع تقرير المبعوث الشخصي للامين العام و موضوع دراسة و قرار في مجلس الأمن الدولي.