النهار24 .
بين الفينة والأخرى وفي خضم الحديث عن بلدية المرسى يثار الكلام الكثير حول شخص رئيسها بدر الموساوي الذي على ما يبدو استمرأت بعض الأقلام ان تغمط حقه ومعه حق المجلس البلدي الحالي،وأخرى ارتأت أن تحوله إلى مرمى لسهامها لا لشيء غير ان الرجل له طريقته في تدبير شؤون البلدية غير التي عهد بها من قبل، فيما في المقابل يحجم الراضون من المتتبعين والمدونين وهم كثر عن الكتابة عن التجربة التي يخوضها هو ومجلس الجماعة بنجاح باستثناء بعض الشهادات المكتوبة القليلة والشحيحة والتي يدونها البعض بخجل مخافة ان تلحقه تهمة التملق .
ارتأيت ان أخط شهادة عن الرجل دون أيّ رتوش وأعرف أنّها ستُغضِب الكثير من المخالفين ، كما انها سترضي اخرين ممن عايشوا الرجل عن قرب وخبروا كياسته واستشفوا في تجربته الجماعية الدهاء والخبرة وعزيمته في احداث الطفرة، خصوصا رفاق دربه من المنتخبين وممن اشتغل معه من الموظفين وحتى من محاوريه من رجال الصحافة والفاعلين المدنيين الذين لهم قناة وصل معه ومع الجماعة ، وسأحاول قدر الإمكان وفي حدود معرفتي بالرجل ان ابرز بعض الجوانب التي تميز شخصه كرئيس المجلس بشكل يخرج بالمتتبع عن الأنماط والكليشيهات المتداولة .
معروف عن بدر الموساوي أنه شق طريقه في الحياة السياسية مبكرا فمن البديهي إذن ان يراكم التجربة في المجال ويصقل أدواته في الادارة السياسية سواء على مستوى الفعل الحزبي او على مستوى العمل الانتدابي في المجالس المنتخبة ، فلا نستطيع ان ننفي بأن ظفره برئاسة المجلس الجماعي وتقلده المسؤولية ساهم بشكل كبير في إبرازه كرجل له من القوة والدهاء ما يجعله يلائم هذا المنصب بجدارة واستحقاق .
من الأشياء التي اعرفها وأُجِلُّها لبدر الموساوي انه شخص خدوم الى أقصى الحدود ، وتوثبه لخدمة شأن المدينة يتجاوز أسوار الجماعة كرئيس ،فتجده ميدانيا لا يمل من تفقد الاوراش وزيارة الأحياء والازقة ومخالطة الناس في مشاكلهم حتى خارج الاوقات الادارية فهو ليس من هواة برستيج المسؤولية الذين تبتلعهم المكاتب ، بل له قناعة عميقة بالعمل الميداني ، وله قدرة على اجراء تقويم دقيق ومفصل للبيئة المحيطة به لحد يدهشك بإحصائه لجميع ازقة المدينة وبمشاكل دروبها مكان بمكان ، فهو يؤمن ان منصب رئيس المجلس البلدي يفرض على متقلده ان يضاعف الجهود والمساعي في البحث وانتزاع الإمكانات المادية والدعم من متدخلين اخرين خصوصا اذا كانت الجماعة ليس لها من الموارد الذاتية ما يؤهلها لاحتضان مشاريع كبرى كما هو شأن بلدية المرسى ، وهذا ما يفسر كثرة تحركاته الذي يكثفها لدى الإدارات المركزية وألحاحه الدائم على طرق أبواب الشركاء المفترضين لجلب أوراش للمدينة ، وما مشاريع التهيئة التي تؤثث فضاء المدينة الا ثمرة لمساعي للرئاسة وجهود المجلس ككل .
وأعرف أيضا انه بالرغم من كون مهامه مهاما تفرض عليه ان يظل جل أوقاته عاكفا على القضايات الكبرى للمدينة وموغلا في صلبها ، فانه لا يترفع عن الخوض في تدبير الملفات الصغرى اذا ما وضعت على مكتبه ولا يستهين بها ، فتجده يجند طاقاته حتى في صغائر الامور ولو تعلق الامر بطلب بسيط لمواطن في شأن خاص أو مشكل شخصي لا علاقة له باختصاصات الرئيس المحددة ،فانه لايستنكف عن تتبعه وحلّه دون ملل او انزعاج ، ولا يتلكأ في ادراج القضايا الصغيرة ضمن أجندته اليومية باهتمام وعناية .
ما اعرفه عن الرجل انه دو أريحية رحبة لا يضيق بمخالفيه و لا يعطي قدسية لرأيه مهما بلغت درجة الخلاف معه ، وذلك دأبه أيضا من خلال جلسات واجتماعات المجلس ، فتلحظ انه لا يتضايق بالمتداولين المختلفين معه ولا يقابل آراء الأصوات المعارضة بالإقصاء او الرفض ، بل يتجاوب مع جميع الاستفسارات حتى لو كانت خارج نطاق جدول الأشغال ويتلقى الإشارة سريعا ولو كانت صادرة من عموم الحاضرين ،فيما يتسم أيضا بالجرأة في التعبير عن قناعاته دون تحفظ سواء اثناء الاجتماعات العامة او في الندوات الصحافية التي لا يجد وجلا ولا ترددا في عقدها وعلى المباشر ولا تزعجه الأسئلة ولا تنال منه الاستفزازات .
رغم تخصصه ، فانه يتميز بنباهة في الأمور التقنية وإلمامه بقواعد التسيير الإداري بشكل تجزم انه له سجل مُراكم في الإدارة المحلية، يظهر ذلك من خلال أسلوبه في إدارة الاجتماعات وفي حرصه أحيانا على تحرير الكتابات والرد على المراسلات ، هذا إلى جانب اطلاعه على المذكرات والمستجدات القانونية ، كل ذلك يجد فيه الموظفون والإداريون رئيسا مساعدا يشاركهم في حل النوازل والإشكالات التي تعترض الإدارة الجماعية ورئيسا جريئا في اتخاذ القرارات في ملفات ثقيلة وبكل مسؤولية
هذا نذر يسير من الشيء الكثير عن الرجل الذي لاأعرف مدى طموحه السياسي في قادم الأيام ، لكن ما أعرفه حقيقة انه رفع السقف عاليا أمام الطامحين بعده إلى كرسي الرئاسة وأنه أتعب وبالغ في إرهاق من سيأتي بعده